الثلاثاء، ٢٧ فبراير ٢٠٠٧

خمس أشياء 2

الحكاية الثانية : ضوضاء من الداخل

قبل أن أغفو ، غالبا ما أتخيل أننى ضيف فى برنامج حوارى ، بالطبع لا وجود للأسئلة ،أنها اجابات فقط أختلقها أنا لأسئلة لن تسأل لى أبدا فأفيض فى شرح نظريتى عن الأشياء و رؤيتى لها بدءا من الكتابة مرورا بالسياسة و حتى رأى حول العلاقات ، دون أن أكون قد مررت بواحدة من قبل ، كل شئ أفكر به أمنحه وجودا وهميا فى عالم يشغل حيز ضيق برأسى ........ز
ربما و لهذا السبب أصحو و صداعا خفيفا بالرأس

الجمعة، ٢٣ فبراير ٢٠٠٧

خمس أشياء

أولا أعتقد أنى لو أتبعت القاعدة و حكيت عن خمس أشياء لا يعرفها أحد لتحول الأمر إلى خمس فضائح بالتأكيد فأنا أجزم أنه ليس لدى ما لا يعرفه أحد سوى هزائمى الخاصة التى أفضل بقائها مدفونة برمل ذاكرتى أنظرلها من وقت لأخر لأدرك مدى أغترابى................... نعم أنها تلك الذكريات التى تصنع حاجز بين البشر فمع كل هزيمة/فضيحة أكسب مسافة ما باتجاه ذاتى و أخسر آلف احتمال لأن أكون انسان آخر، فنحن نكتب ( حسب بورخيس لأن شيئا ما يجب أن يتم )هكذا أفكرفى كتابة ما عن حياتى الخاصة للرد على تاج مرره لى سيزيف و لأرمم ثقب ما تركته تلك الحقائق المخفية فى جدار علاقتى بالآخر
لن يكون كلامى صريح إلى حد الفضيحة أفكر فى مشاركتكم ما لم أتخيل أنى سأقوله لأحد فى الواقع ( أعتقد ان هذا يشمل كل كتابتى الأخرى )أما هنا فى هذا الواقع المفترض أشعر بأريحية أكثر تناسب الحكى العفوى دون حساب لعواقب أو خجل من المواجهة المباشرة ، لذا فكرت أنى سأحكى لكم هنا خمس حكايات ، أعرض كل منها منفصلة محاولا أن أمنحها مساحة أكبر مما كانت تحتل بصدرى الضيق
ثانيا هذا ما أعتقد أن لا أحد يعرفه ( لو استثنينا أحمد الحلو الذى يعرف كل شئ لآسف) فهاكم ما لا عين رأت و لا اذن سمعت عنى
الحكاية الاولى : بارنويا .... أو نهاية عادية لكائن غير عادى
كان الجو المقفر لموقف أسكندرية بالزقازيق ، و القرار الجنونى للسفر إلى المدينة الحالمة ، يشكلان من الخبر الآتى عبر تليفونى المحمول إنجاز يتحقق ، حين أنهيت المكالمة و ألتفت لصديقاى بالسيارة البيجو التى ينقصها راكبان او ثلاث ، كدت ان أقول لهما قفا نبكى من فرحة نشر أول قصة لى بجريدة عامة ( كانت المرة الاخيرة أيضا ) وقف كل منهما فعلا لكن لس للبكاء بل لتهنئتى بحرارة و بعناق صادق كأن أمر ما عظيم قد تم ، و أثناء تسكعنا فى أوقات اليوم المختلفة باسكندرية الحلم كنت أفكر دوما أن هنالك نافذة على الآتى تتفتح ، احساس مكرر جربته من قبل ، فحاولت أن أخفف من حدته لئلا أبسط الأمور فأحبط فى النهاية كالعادة
بعدها بأسابيع كنت فى الزقازيق و كان أهلى فى زيارة علاجية لأحد الأطباء بها ،
و حين ألتفت أبى للجريدة المجهولة فى يدى سألنى
ايش هادى
ده جورنال نشروا لى فيه قصة ،..... ابقى خده معاك العريش علشان يشفوه فى البيت
كنت أرد فى ميكانيكية فلم أكن فى حاجة فعلا لأن يروه لكنى كنت أخشى أن تتبهدل نسخة الجورنال معى هنا فى الشقة
طوى الجريدة بيده دون ان يفتحها
آه ................خلى أمك تفرح أن ابنها نشر فى الجريدة الرسمية
كانت نبرته تتراوح بين الحدود المسموحة للسخرية و بين قدرته على قول ما يشاء دون زعل كونه أبى
كان ابن عمى أيضا موجودا ، فرد لا أدرى فى مجاملة أم فى فضول لرؤية و معرفة أن ابن عمه حقا يكتب و ينشر فى جورنال ما
طب شوف كده خلينا نقراها
يا عم مش هتفهم حاجة .....أنا عمرى ما فهمت حاجة من اللى بيكتبه
لا أعرف لماذا يتمسك أبى بحقيقة أنه يجب أن يفهم ما أكتب او لماذا يظن أنى أريده أن يفهم ، كل ما أريده هو تهنئة حارة و عناق صادق كأن أمر عظيم قد تم ، عناق كذاك الذى أهداه لى حين تلقيت خبر فوزى بمبلغ ثلاثمائة جنيه فى مسابقة للقصة القصيرة
ما أريده هنا حقا ألا أستمر فى لوم أبى و تحميله ما لا يتفهم من رغبة لى فى التواصل ، بل أنى أظن أننى متواطئ معهم فى الضغط على حقيقتى كإنسان مهزوم فربما علّى قبل أن أطلب منه الدخول إلى عالمى أن أزيح عن عالمه البعيد عنى الغموض
أبى ذلك الإنسان الذى أعرفه أقل ، و أفهمه أكثر ، لا يدرك أن ببيته يحيا كاتب عبقري
و أنا ذلك الذى أعرفه أكثر ، و أفهمه أقل ، لا أدرك أن العاديين يرثون الأرض فى النهاية

الأربعاء، ١٤ فبراير ٢٠٠٧

مقاطع من كتاب العزلة

فاتحة
كان هناك يتدلى من وحدته
يداعب أوقاتا لا مرئية
يكتب عن اشياء لم تعد هنا
أشخاص و أبواب و نوافذ و ريح لم يرها أحد
أشياء تتبدى له وحده
كان هناك يتدلى فى صمت
من نافذة العزلة
نشيد الخروج
كنا نزلزل إيقاع الأرض الخامل
نباعد بين هجير الأرض و مساحة ظل
نباعد بين الظل و المسافة
نسف تراب الأرض فننتشى
نهجرأوطاننا القريبة و البعيدة
نسافر عبر أمطار الحلم و ظل القلب
يخرج من بيننا من يدعى
فهل من عاشق يبرز بين جنون الليل
يضحك الإله أخيرا
شق بالقلب يتصاعد
نهد مرهق
غربة تتجاوز ماض من سأم
الآن يورق فينا
خراج العزلة
مرثاة إلى بورخيس
يالقسمة أحمد المسكين
لم يبرح مكانه قط
كى لا يرى شيئا تقريبا سوى نافذة من الشوق
تطل على العالم
وجوه من ذاكرة الليل
آه ..... و الليل يهصر أوردتى
يمزق روحى
ليعيد تشكيلها
مشوهة و بارزة
فى وجه العالم
عزلة ستفجع العالم
الآن
أنا و إلهى فقط نملك العالم
سباق محموم سيقوم بيننا
من منا يسبق الآخر إلى قلمه
ليحكى عن مأساة الآخر
يبدو السباق عبثيا
فأنا أعلم أن قدرى قد سبقنى بكثير
لذا
فأنا أطالب
بمساحة بيضاء لى وحدى
حياة أبدأها انا وحدى
أسطر فيها مفرداتى من جديد
حب .....كسل , ربما بعض من خوف
و عزلة ستفجع العالم
حياة ليلية
بالليل
أتحول لقاتل مأجور
أتجول داخل روحى
أقتل حزنا ظل قابضا على ذاكرتى
أرتب أشيائى القديمة المملة
و بهدوء
مع أول شعاع للشمس
أعود إلى حياتى السابقة
مبللا بالدماء
إشارة
انتبه
لوقع خطاك
فأنت محاصر بالأشياء العادية
أفعالك تشكل فراغا
تملؤك ثقوب و دوامات
يجرفك النزق لتهاويم من ماض قديم
تبادلك الدنيا سكونا بصوت
تخرج إليك أشياه الكائنات
تأوى إليك و تستريح
فعمد روحك فى نقطة الأصل
وقتك المعطوب
لا يسمح
باللاجدوى
جغرافيا الذات
سؤال أواجه به موتى
ما الذى يحدنى من الشرق ؟

الجمعة، ٩ فبراير ٢٠٠٧

براءة الحلو

إذ أنت الخالق
تمشى بين خلائق من وهم
تتكاثر تنشق عنك أرباب بلا قدرة
هم نافذ
يخرج أليك رسل قديمة
يحملون تراتيلا بالية على مشاعل البغض
فترفض الديانات القديمة
أنا مخلوق جديد
أناخالق و الخلائق عدم
المقت بعض آياتى
يخرج الحلو من أقبية الرهبة
من فرج الزمن المغبون
فزفى أليكِ بشارة المقت
و كأبة الرؤية الخئون
و ولى وجهكِ شطر المغارب
و لا تنوحى إن بعض النوح جبن
إذ أنت توسع مابين المشرق و المغرب
لتخلق مساحة تكفى إحدى قدميك
فتبول على ذكرياتك القدسية
إذ أنت تصحو من غفوك الكئيب
فإذ بك المخلوق
تسبح فى ملكوت من رهو
تقتات غذاء البارحة
فالحروف أمة من الأمم*
تهم بها و تهم بك
يغشاك اللون الأسود
فأنحل فى بقعة الضوء
و أحضر أليك آليات التأويل
* محى الدين بن عربى الفتوحات المكية

الثلاثاء، ٦ فبراير ٢٠٠٧

وجوه لذاكرة رجل واحد

كثر تلك الوجوه التى غابت ثم استحضرتها حين الحاجة ، مثلا أتذكر دائما وجه (داليا) البرئ ذى الست سنوات المشرق ،أو أكون كاذبا لو قلت أنى أتذكر ملامحه جيدا ، فقط يخطر على بالى اشراقته و امتداده كهالة من نور فى ثنايا جسد رقيق ، كنت و أنا ذو ست سنوات أيضا أنظر له فأتوه بين الحلم و اليقظة ، و حتى لحظتى هذه لا استطيع أن أجزم أنى قد رأيت هذا الوجه فعلا أم أنى قد تخيلت وجوده ، كان الوجه الغائب الحاضر يجسد نزق الطفولة ،و ولعى الساذج بالجمال ، أما وجه ( رانيا ) فقد كان تقدما فى فهم طبائع الأشياء و بساطتها ، وجه ناضج نضر ، غير جميل لكنه ساحر ببسمة فرحة ، تمطر ألفة و طلاوة ، وجه يكبرنى بعشر سنوات كاملة ، كنت أراها كثيرا لدينا فى البيت أو فى منزلهم و فى رحلات المصيف حين تسافر عائلتانا سويا ، فأظل أراها لمدة أسبوع كامل ، أتلذذ بسماع حديثها و رنين ضحكتها كنت كفتى فى سن المراهقة أنجرف فى تجاربى سريعا و أعود منها أسرع و أنا مثقلا بالذنب و اللوم ، فأتذكر أنى لم أغفر لنفسى حينما وجدتها تعيد علىّ طيف وجهها مرات عديدة و أنامتعب و مهموم
كان عبثا صبيانيا بلا شك ، لكن ولعى هذا بالوجوه لم ينته ، لقد شغفت بعدها بوجه ( أمانى ) زميلتى فى الجامعة ، كان شغفا شفيفا مخنوقا ، ألم أطرافه اناء الليل و أنتشى بلوعته أطراف النهار ، كان يوجعنى تذكر مواقفى السخيفة معها ، صمت و ردود مبهمة ،اعتذارات كثيرة ، لكنى لم أفلت من قيد هذا الوجه أبدا ، ابيض مدور ، عينان نجلاوتان ، فم رشيق و صوت يغير شكل الحلم ، كانت الأيام قد دارت دورتها و بدأت أفهم تلك الأشياء المادية من فم و أنف و جسد، صار الوجه المحبوب يتغير ، لكنه دائما له نفس البريق ، حتى (آيه ) ذلك الوجه الذى أرخت عليه أول قبلة و أول لمسة عابرة ، كان أيضا وجها مستقرا فى الذاكرة ، مكتنز ومجمل بأدوات الزينة فى افتعال و ارتباك ، كان وجها مغامرا جديدا فلائمتنى استداراته و انحناءاته و استجابته الخاطفة لنزواتى
كان لابد من دلكاتيك محدد يحكم العلاقة بين تلك الأوجه المختلفة ، ربماهو شغف جمالى بحت ، أو هو صدى لذاكرة مرهقة ألوذ أليها وقت الحزن ، ربما أتخيل وجوها أخرى سأراها أو لن أراها ، لكنى لا أذكر متى تحديدا بدأت فى تأريخ حياتى بالوجوه ، فالوجوه لم تعد مترابطة معا ، وجه ( رانيا يطرد وجه ( داليا) و وجه ( آيه ) يزيح وجه ( أمانى ) ، صراع داخلى يتشابك أجمع تناقضاته مع وحدتى ليلا ، لأتذكر أوجه العابرين و الماكثين ، فصرت أتلذذ بترصد أوجه القادمين ، و انتظر ذاكرة جديدة لتتخلق

الخميس، ١ فبراير ٢٠٠٧

لا الإخوة و لا الذئب.......دخول متأخر إلى الحكاية

كانوا أسبق للحكاية منك
تفادوا هنات ماسبق
و انتظروا قدومك الأحمق
و أنت
تهذى فى جبك و لا تطلع
واقف كحجر عثرة
بين أجنة القادم
و أهلة ما مضى
قابع بوهم إنفرادى
تقص على العميان فيه الرؤى
تدفعك سذاجات الحلم
ككمبارس ينتظر البطولة
تنتهى عنده الأشياء و لا تبتدى
*******
هم الفتية
و أنت آخر عهد المدينة بالفتح و الكتابة
فكانوا أسبق إلى الحكاية منك
غلّقوا الأبواب
قدوا قميصك من قبل
و انتظروا قدومك
أيها المستضئ بذاته