أولا أعتقد أنى لو أتبعت القاعدة و حكيت عن خمس أشياء لا يعرفها أحد لتحول الأمر إلى خمس فضائح بالتأكيد فأنا أجزم أنه ليس لدى ما لا يعرفه أحد سوى هزائمى الخاصة التى أفضل بقائها مدفونة برمل ذاكرتى أنظرلها من وقت لأخر لأدرك مدى أغترابى................... نعم أنها تلك الذكريات التى تصنع حاجز بين البشر فمع كل هزيمة/فضيحة أكسب مسافة ما باتجاه ذاتى و أخسر آلف احتمال لأن أكون انسان آخر، فنحن نكتب ( حسب بورخيس لأن شيئا ما يجب أن يتم )هكذا أفكرفى كتابة ما عن حياتى الخاصة للرد على تاج مرره لى سيزيف و لأرمم ثقب ما تركته تلك الحقائق المخفية فى جدار علاقتى بالآخر
لن يكون كلامى صريح إلى حد الفضيحة أفكر فى مشاركتكم ما لم أتخيل أنى سأقوله لأحد فى الواقع ( أعتقد ان هذا يشمل كل كتابتى الأخرى )أما هنا فى هذا الواقع المفترض أشعر بأريحية أكثر تناسب الحكى العفوى دون حساب لعواقب أو خجل من المواجهة المباشرة ، لذا فكرت أنى سأحكى لكم هنا خمس حكايات ، أعرض كل منها منفصلة محاولا أن أمنحها مساحة أكبر مما كانت تحتل بصدرى الضيق
ثانيا هذا ما أعتقد أن لا أحد يعرفه ( لو استثنينا أحمد الحلو الذى يعرف كل شئ لآسف) فهاكم ما لا عين رأت و لا اذن سمعت عنى
الحكاية الاولى : بارنويا .... أو نهاية عادية لكائن غير عادى
كان الجو المقفر لموقف أسكندرية بالزقازيق ، و القرار الجنونى للسفر إلى المدينة الحالمة ، يشكلان من الخبر الآتى عبر تليفونى المحمول إنجاز يتحقق ، حين أنهيت المكالمة و ألتفت لصديقاى بالسيارة البيجو التى ينقصها راكبان او ثلاث ، كدت ان أقول لهما قفا نبكى من فرحة نشر أول قصة لى بجريدة عامة ( كانت المرة الاخيرة أيضا ) وقف كل منهما فعلا لكن لس للبكاء بل لتهنئتى بحرارة و بعناق صادق كأن أمر ما عظيم قد تم ، و أثناء تسكعنا فى أوقات اليوم المختلفة باسكندرية الحلم كنت أفكر دوما أن هنالك نافذة على الآتى تتفتح ، احساس مكرر جربته من قبل ، فحاولت أن أخفف من حدته لئلا أبسط الأمور فأحبط فى النهاية كالعادة
بعدها بأسابيع كنت فى الزقازيق و كان أهلى فى زيارة علاجية لأحد الأطباء بها ،
و حين ألتفت أبى للجريدة المجهولة فى يدى سألنى
ايش هادى
ده جورنال نشروا لى فيه قصة ،..... ابقى خده معاك العريش علشان يشفوه فى البيت
كنت أرد فى ميكانيكية فلم أكن فى حاجة فعلا لأن يروه لكنى كنت أخشى أن تتبهدل نسخة الجورنال معى هنا فى الشقة
طوى الجريدة بيده دون ان يفتحها
آه ................خلى أمك تفرح أن ابنها نشر فى الجريدة الرسمية
كانت نبرته تتراوح بين الحدود المسموحة للسخرية و بين قدرته على قول ما يشاء دون زعل كونه أبى
كان ابن عمى أيضا موجودا ، فرد لا أدرى فى مجاملة أم فى فضول لرؤية و معرفة أن ابن عمه حقا يكتب و ينشر فى جورنال ما
طب شوف كده خلينا نقراها
يا عم مش هتفهم حاجة .....أنا عمرى ما فهمت حاجة من اللى بيكتبه
لا أعرف لماذا يتمسك أبى بحقيقة أنه يجب أن يفهم ما أكتب او لماذا يظن أنى أريده أن يفهم ، كل ما أريده هو تهنئة حارة و عناق صادق كأن أمر عظيم قد تم ، عناق كذاك الذى أهداه لى حين تلقيت خبر فوزى بمبلغ ثلاثمائة جنيه فى مسابقة للقصة القصيرة
ما أريده هنا حقا ألا أستمر فى لوم أبى و تحميله ما لا يتفهم من رغبة لى فى التواصل ، بل أنى أظن أننى متواطئ معهم فى الضغط على حقيقتى كإنسان مهزوم فربما علّى قبل أن أطلب منه الدخول إلى عالمى أن أزيح عن عالمه البعيد عنى الغموض
أبى ذلك الإنسان الذى أعرفه أقل ، و أفهمه أكثر ، لا يدرك أن ببيته يحيا كاتب عبقري
و أنا ذلك الذى أعرفه أكثر ، و أفهمه أقل ، لا أدرك أن العاديين يرثون الأرض فى النهاية